-
لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام مطّلعاً على ما وراء هذا الستار، فهو إمامٌ عالمٌ بالسـرّ والخفيات، مشهودٌ لديه عالم الغيب و الشهادة.
-
يكتب ابن حجر الهيثمي المكّي:
-
لَمّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ، يَفْطُرُ عليٌّ لَيْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ وَلَيْلَةً عِنْدَ الْحُسَيْنِ وَلَيْلَةً عِنْدَ عَبْدِاللَهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلاَ يَزِيدُ على ثَلاَثِ لُقَمٍ وَ يَقُولُ: أُحِبُّ أَن أَلْقَي اللَهَ وَ أَنَا خَمِيصٌ.
-
فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِي صَبِيحَتِهَا عليٌّ بنُ أَبِي طَالِبٍ أَكْثَرَ الْخُرُوجَ وَالنَّظَرَ الی السَّمَاءِ، فَقَالَ: مَا كَذَبْتُ وَ مَا كُذِبْتُ، وَإنَّهَا هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُ.۱[٦]
-
بلى، هذه الليلة هي ليلة الوصال، ليلة لقاء المحبوب وزيارته، كانت حال الإمام منقلبةً كثيراً تلك الليلة، وكان انقلاب حال الإمام وتغيّره نابعًا من سعة نفسه وعظمة قابليّته ورحابته، فقد كانت سعته تشمل جميع الموجودات لأنّ الإمام قلب العالم، فكلّ موجود يحصل على إفاضة الوجود من ذات الخالق المقدّسة بوسيلته وواسطته، لذا فإنّ رحلته هذه ستكون بمثابة هزّة لجميع الموجودات الأرضيّة والسماويّة، وسيحصل الانقلاب على أثرها في سرّ كلّ موجود، وهذا هو معني انقلاب حال الإمام وقت رحيله.
-
كانت ملامح وسيماء أمير المؤمنين عليه السلام وطلعته المنيرة حاكية عن ظهور جميع الموجودات، وكان قلبه المبارك ينبض بضربات قلب جميع الموجودات.
-
لقد كانت سعة أمثال الهيدجي وأمثال الطالقاني بقدر سعة وجودهم وظرفيّته، فاذا امتلأ كأسهم طفح وفاض فلم يعد يسعهم تمالك أنفسهم من الفرح والجذل
-
لكنّ سعة أمير المؤمنين و ظرفيّته كانت تزيد على السماوات والأرض وعلى جميع قلوب البشر وقلوب الجنّ والملك فهو الحائز لجميع مقامات الملك والملكوت، كما أنه يجسّد مقام الولاية الكليّة الالهيّة والمتصرّف في عالم الإمكان، لذا فإنّ حركةً كهذه ستوجد هزّةً وزلزلة في عالم الوجود.